المقالات

التدين الجديد

بسم الله الرحمن الرحيم

التدين الجديد

يقوم التدين في أصله على الخضوع لله تعالى بالتزام أمره والانتهاء عن نهيه وهذا مقصود إنزال الكتب وإرسال الرسل كما قال سبحانه :(وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله).

على أن من المهم الإشارة إلى أن التدين فطري في النفوس :(كل مولود يولد على الفطرة ..).

وهذه الفطرة تقوى أو تضعف تظهر أو تختفي تنحرف أو تستقيم حسب عوامل اجتماعية وشخصية .

والتدين الحق يقضي بالدخول في الإسلام كله كما قال سبحانه :(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة).

وعاب الرب سبحانه على بني إسرائيل أنهم أخذوا ببعض الدين وتركوا بعضه فقال :(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب).الآية .

والمتدين يسير إلى الله بجناحي الخوف والرجاء ،يحملانه على فعل الواجب وترك المحرم .

والعالم الإسلامي اليوم لغلبة الأهواء وغياب العلماء الربانيين وظهور الجهل بالشريعة يموج باتجاهات فكرية وعقدية تستوجب على الباحثين الوقوف على حقيقتها والنظر في بواعثها ودراسة آثارها على الأمة الإسلامية .

ومن الاتجاهات المعاصرة اليوم ما يُمكن تسميته “بالتدين الجديد” وهذا الاتجاه استرعى انتباه وسائل الإعلام والباحثين فظهرت كتابات وتقارير عن “الدعاة الجدد” و”التدين الجديد” وبغض النظر عن كون هذه الدراسات ذات موضوعية وعمق أم لا إلا أن المقصود أن هذا الاتجاه بات حاضرا وملفتا .

يظهر هذا الاتجاه في دعاة ظهروا في العالم الإسلامي في وسائل الإعلام والاتصال والتواصل الاجتماعي يجمعهم الإخلال بالسنة الظاهرة ، ولهم نظر خاطئ إزاء قضايا المرأة كالحجاب والاختلاط بين الجنسين ولهم نظر خاطئ أيضا إزاء قضايا أخرى كالغناء والسينما .

وفي مسائل الفقه يجنحون إلى الترخص بحجة وجود الخلاف فينتقون من الأقوال الفقهية ما يجاري الواقع أو يساير رغبات الناس .

ولعل الجانب العقدي من أخطر الجوانب في هذا الاتجاه وتجده واضحا في الموقف من غير المسلمين بتغييب عقيدة الولاء والبراء وما يترتب عليها من مسائل شرعية.

ويعتمد هذا الاتجاه في خطابه للجمهور على استمالة القلوب بالقصص والحكايات والمنامات .

وهذا الاتجاه ينطلق في مواقفه وآرائه من قاعدة هشة تعتمد على الترخص الفقهي ومسايرة الواقع والاستجابة لضغوطه ، وهي بهذا تبتعد عن الالتزام بالكتاب والسنة وإعمال قواعد السلف في التلقي والاستدلال .

وامتد هذا التأثير في شرائح من المجتمعات الإسلامية يأخذون بجملة من العبادات الشرعية وهذا حسن وطيب- كنشر الأذكار والأوراد والقرآن الكريم وفي الوقت نفسه تتساهل في ترك فرائض وواجبات أو فعل محرمات .

ولسائل أن يسأل وما خطورة هذا الاتجاه ؟ وما آثاره ؟

إن هذا الاتجاه يجنح الى التحلل من التكاليف الشرعية ، بحصر الدين في بعض العبادات والتساهل في عبادات أخرى ، وتحويل الدين إلى طبقة رقيقة تكشف عن تساهل وتفريط وإضاعة ، وهو ما يؤدي إلى تغيير حقيقة التدين ، وتكمن خطورة هذا الاتجاه أيضا أنه عنصر فاعل وعضو نشط في حركة تغريب المجتمعات الإسلامية شعر بذلك أم لم يشعر .

Print Friendly, PDF & Email

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى