المقالات

الدوريات الشرعية وخدمة العقيدة

مجلة الهدي النبوي أنموذجا (1)

صدرت منذ بدايات القرن الهجري المنصرم ولا تزال عشرات الدوريات العلمية في أنواع الفنون والمعارف باعتبارها وجها من وجوه الإنتاج العلمي للفترة التي صدرت فيها .

ويرى المطلع والمتابع في هذا الباب أن الدوريات الشرعية تميزت بالاهتمام بالعقيدة والدعوة إلى ترسيخها ومواجهة الانحرافات العقدية بأقلام علماء عُرفوا بالرسوخ في العلم والغيرة على التوحيد والصدق في الدعوة -هكذا نحسبهم والله حسيبهم-.

ومن الدوريات الشرعية المتميزة : “مجلة الهدي النبوي” التي صدرت في مصر في الفترة من  (1356هـ-1387هـ) عن جماعة أنصار السنة المحمدية .

رأس تحرير “مجلة الهدي النبوي” عند صدورها الشيخ “محمد حامد الفقي” المتوفى سنة “1378هـ” وهو شيخ سلفي له أثره وتأثيره في الدعوة إلى السنة والتوحيد .

أخذت مجلة “الهدي النبوي” على عاتقها الدعوة للتوحيد والتحذير من الشرك ووسائله وذرائعه وسُطرت المقالات في التحذير من فرق واتجاهات منحرفة نشطت في تلك الفترة كالصوفية والقبورية .

وكتب في المجلة أعلام الدعوة السلفية في العالم العربي في تلك الفترة كالشيخ “محمد حامد الفقي” والشيخ “محمد عبدالظاهر أبو السمح” والشيخ “عبدالرزاق عفيفي” والشيخ “تقي الدين الهلالي” والشيخ “محمد بهجت البيطار” والشيخ “عبدالرحمن الوكيل” والشيخ “محمد خليل هراس” والشيخ “عبدالله الحسو الموصلي” وغيرهم .

وكتب في المجلة أيضا “عبدالله بن علي القصيمي” قبل إلحاده مقالات تفيض بالغيرة والأسى على واقع المسلمين !!

وإضافة لهذا وذاك كانت مجلة “الهدي النبوي” منبرًا لأهل السنة في البلاد العربية يكتب فيها أهل التوحيد والغيرة ..من اليمن والعراق  والجزائر وغيرها  .

ويمكن للمطلع على المجلة أن يُصنف ولو بصورة مبدئية الكتابة فيها في أربع مسارات ، سأقتصر على نماذج منها ، قصدت من إيرادها إبراز جهود المجلة وكُتّابها .

تقرير التوحيد والدعوة إليه :

دأبت المجلة على الكتابة في تقرير التوحيد والدعوة إليه ، ولم يخل عدد من أعداد المجلة خلال فترة صدورها من ذلك .

نشرت المجلة في عددها “الثاني” من سنة “1364هـ” فتوى لشيخ الأزهر في زمنه الشيخ “عبد المجيد سليم” عنوانها “النذر للأولياء حرام بالإجماع” .

كتب الشيخ “محمد خليل هراس” سلسلة مقالات بعنوان “توحيد الله عز وجل” ابتدئها بمقالة في العدد “الأول ” من سنة “1382هـ” قرر فيها توحيد الألوهية وبين أهميته وما يناقضه من الشرك الأكبر والأصغر .

وكتب الشيخ “تقي الدين الهلالي” في العدد “الثاني” لسنة “1386هـ”مقالا بعنوان “لا تذبحوا لغير الله” حذّر فيه من الذبح لغير الله مبينا منافاته لأصل التوحيد .

وفي مقال بعنوان “الأولياء المزعومون” كتب الشيخ “شاكر الجنيدي” في العدد “السادس” لسنة”1386هـ” أوضح فيه حكم التعلق بالأولياء والاعتقاد فيهم ومنحهم خصائص الربوبية ومقتضيات الألوهية .

مواجهة التصوف :

كتب : أبو الوفاء درويش” من أعلام الدعوة السلفية في مصر مقالا في العدد “الثاني” لسنة “1364”عنوانه “الإحسان والتصوف” حرّر فيها مفهوم التصوف وألقى الضوء على انحرافه .

وكتب من سمى نفسه “أبو الوفا” من “الموصل” في العدد “الرابع عشر” لسنة “1370هـ”مقالا في الرد على الاتحادية من المتصوفة .

وفي سلسلة مقالات في الرد على الصوفية وعرض عقائدها المنحرفة ابتدئها الشيخ “عبدالرحمن الوكيل” بمقال في العدد “الثالث” من سنة “1375هـ” واستمرت لسنوات كانت نواة كتابه “هذه الصوفية”.

مواجهة القبورية:

بذلت المجلة جهودًا في مواجهة القبورية والتحذير منها .

 في مقال بعنوان “من بدع القبور” كتب الشيخ “أحمد شاكر” في العدد “الخامس” لسنة “1362هـ” بين فيها البدع التي يرتكبها الجهال عند القبور .

وكتب أبو الوفاء محمد درويش في العدد “الواحد و العشرين” لسنة “1369هـ”مقالاً بعنوان “أصنام في بلاد الإسلام” شنع فيه على عبدة القبور وما يصنعونه عندها من الشرك ومظاهره .

وكتب من سمّى نفسه “الشيخ عثمان” من “عدن” مقالًا في العدد “العشرين” لسنة”1372هـ” عنوانه “قبائح البدع سترت محاسن السنن” نعى فيه على عباد الأضرحة و القبور .

وفي مواجهة القبورية أيضا نشرت المجلة في عددها : الأول” من سنة “1376هـ”مقالًا عنوانه “بناء المساجد على القبور” بقلم الأستاذ “محمد صالح” قرّر فيه حكم البناء على القبور ومنافاته للتوحيد الذي جاءت به الرسل .

وكتب الدكتور ” أمين رضا” في العدد الأول” لسنة “1382” مقالا بعنوان “الأضرحة تضلّ الناس”. كشف فيه عن الخرافات المتعلقة بالقبور التي يتعلق بها الناس ويتوجهون إليها والتزوير الذي يُنسج حولها.

الرد على الانحرافات والترويج لها :

كتب “محمد صالح” أحد أعضاء “جماعة أنصار السنة المحمدية” في العدد “الثالث” لسنة”1367هـ”مقالاً بعنوان: “نقض مطاعن و افتراءات المجلة الموسومة بالإسلام” رد فيه على المجلة في تعظيمها لابن عربي و تزيينها لعبادة القبور و الاستغاثة بغير الله تعالى .

وكتب “أبو الوفا درويش”  في العدد “الأول” من سنة “1375هـ”مقالًا في الرد على ما نُشر في مجلة “لواء الإسلام” عن مشروعية التوسل بذوات الأنبياء والمفاهيم المغلوطة حوله .

وفنّدت المجلة في عددها “التاسع” لسنة “1382هـ”ما نشرته الدكتورة “بنت الشاطئ” من أن زينت رضي الله عنها قدمت إلى مصر ودفنت فيها في مشهدها المعروف .

وفي الختام :

قامت المجلة بجهود عظيمة في الدعوة إلى التوحيد وبيان أهميته وهي تحتاج إلى أعمال علمية تظهرها وتُبرزها حفظا لحقها ووفاء لعلمائها.

   رحم الله علماء التوحيد الذين كتبوا في المجلة، وغفر لهم،  وجعل ما سطروه في ميزان حسناتهم.

Print Friendly, PDF & Email

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى